ها قد أقبل شهر الرحمة والغفران ومضاعفة الأُجور والتكفير عن الخطايا والذنوب، والرابح فينا من اِغتنمه في أداء الطاعات والعبادات، وإنَّ من أفضل ما يتقرّب فيه العبد إلى ربه في هذا الشهر المبارك هي صدقةٌ ترفعُ مقامه وزكاةً تُطهّر روحه وماله.
تتسامى قيمة الصدقة في هذا الشهر المبارك، حيث يتنافس المسلمون في تقديمها كنموذج من نماذج العطاء والتضامن الاجتماعي.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، عَنِ اَلنَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اَللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ...» فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ وَفِيهِ: (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُه).
أهمية شهر رمضان والصدقة:
رمضان، شهر الخير والإحسان الشهر الذي نستقبله بفرح وهمسات القرآن، يُعَدُّ فرصةً للتجديد الروحي والاقتراب من الله. إنَّ فريضة الصيام تُشعِرنا بمعنى الامتنان وتعزز روابطنا الروحية. وفي هذا السياق، يبرز دور الصدقة كسيلٍ يروي أراضي الفقراء وينعش قلوب المحتاجين.
ينتظر ملايين من الفقراء والمساكين رمضان لكونه الوقت الوقت الذي تقال في عثراتهم وتفرج كرباتهم بإقبال الأغنياء والقادرين من المسلمين على التصدق ودفع الصدقة إليهم والتقرب إلى الله بكل سبيل.عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا جاءَ رمضان فتحت أبوابُ الجنَّة، وغلِّقت أبوابُ النار، وصُفِّدت الشّياطين».
الصدقة تحمل وزنًا خاصًا في شهر رمضان، حيث تُجسِّدُ قيمة الإحسان والتكافل. إنَّها فرصة لتقديم العون وتخفيف آلام الفقراء والمحتاجين، مُظهرةً التضامن الاجتماعي بشكل يفوق الواجب الديني.
أجر الصدقة في رمضان:
يشير رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه إلى فضل الصدقة في هذا الشهر، حيث يقول: "من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً"، مُظهرًا أهمية الصدقة في تكريم للمتبرع وإعانة للصائمين.
ويؤكد في حديث آخر على أهمية الصدقة وفضلها في شهر رمضان المبارك بقوله ﷺ: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان».
يتضاعف أَجر بَذْل الصدقات في شهر رمضان عن غيره من الشُّهور؛ فهو موسم الخيرات والبركات؛ ولذلك كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أجود الناس عطاءً بالخير، وكان أكثر جوده في رمضان، كما أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).
لمن تعطى الصدقات:
تتراوح فضيلة الصدقة في رمضان لتشمل فئات واسعة من المحتاجين، ويحثنا القرآن والسنة على تقديمها للفقراء واليتامى والمساكين والمحتاجين، لتمتد يد العون لتشمل أطيافاً واسعة من المجتمع.
في ظل ليالي رمضان المميزة، دعونا نُقَدِّمُ الصدقة بروح الجود والعطاء، لنشعر بالفرح بتحقيق الخير والبركة في حياتنا وحياة الآخرين. إنَّ الصدقة في رمضان ليست مجرد فرض ديني، بل هي فسحة أمل للعديد من الأسر المحتاجة.